الكنـــــــج مدير
عدد الرسائل : 662 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| موضوع: دعوة بغضة الانبياءوالصالحين واها نتة لهم الأربعاء أبريل 09, 2008 6:04 pm | |
| المبحث الرابع دعوى بغض شيخ الإسلام الأنبياء والصالحين، وإهانته لهم، ومناقشتها
المطلب الأول دعوى بغض شيخ الإسلام الأنبياء والصالحين، وإهانته لهم
يعتقد المناوئون لابن تيمية رحمه الله أنه يبغض الأنبياء والصالحين، وأن في قلبه ضغينة وحقداً عليهم، وإذا سئلوا عن سبب هذه النظرة منهم إليه، وعن مبرراتها؟. أجابوا: بأن الاستشفاع بالرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد موته جائز، وأنه لا يلزم من الاستشفاع به عليه الصلاة والسلام بعد موته أن يكون المستشفع قد عبده من دون الله، أو اتخذه إلهاً ورباً، وشريكاً لله - عز وجل - في الإلهية، وأن من جعل بين هذين الأمرين تلازماً فقد أُتي من جهله، وسوء فهمه، وعدم تعقله(209) . ويرون أن الاستشفاع بالأموات قد أقرت به القرون الأولى إلى أن جاء ابن تيمية رحمه الله ثم حرمه بعد ذلك من عند نفسه (210). وأجابوا - أيضاً - بأن التبرك بآثار الصالحين جائز، قد أقر به الصحابة في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن بعدهم، إلا أن ابن تيمية رحمه الله يحرم هذا النوع من التبرك (211). ومن تبريرهم لبغض شيخ الإسلام رحمه الله للأنبياء والصالحين: أنه ينكر الاستغاثة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما قال السبكي (ت - 756هـ) : (اعلم أنه يجوز، ويحسن التوسل، والاستغاثة، والتشفع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم إلى ربه سبحانه وتعالى...، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء)(212) . وقال ابن حجر الهيتمي (ت - 973هـ) : (من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالم قبله، وصار بها بين أهل الإسلام مُثلة: أنه أنكر الاستغاثة والتوسل به صلّى الله عليه وسلّم) (213). ويرون أن الاستغاثة بمخلوق لا تكون عبادة له إذا صاحبها إيمان بالله وحده. فإذا كان المستغيث بمخلوق مؤمناً بالله، فلا يكون عابداً لهذا المخلوق، إنما عبوديته لله وحده (214). ويرون أن المنع من الاستغاثة بالكلية مصادم للأحاديث الصحيحة، ولفعل السلف والخلف(215) ، وقد قال تعالى: { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115] . ويستشهدون لجواز الاستغاثة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم بقصص، وأخبار وأشعار(216) ، أشهرها قصيدة البوصيري(217) ، وفيها قوله: يا أكرم الرسل مالي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم ولن يضيق رسول الله جاهك بي *** إذا الكريم تحلّى باسم منتقم فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم(218) ومنها قوله - أيضاً - في همزيته: الأمان الأمان إن فؤادي *** من ذنوب أتيتهن هواء قد تمسكت من ودادك بالحبـ **** ل الذي استمسك به الشفعاء فأغثنا يا من هو الغوث والغيـ *** ث إذا أجهد الورى اللأواء(219)
المطلب الثاني مناقشة الدعوى [size=16]لا يزال المناوئون يفترون على ابن تيمية الكذب، ويلصقون به أشد التهم ظلماً وعدواناً، وقد تحدثت مراراً عن تعظيم ابن تيمية رحمه الله للأنبياء، ومحبته لهم في مواضع متعددة، وها هو رحمه الله ينقل - مرتضياً - عن القاضي عياض (ت - 544هـ) عن مالك (ت - 179هـ) رحمه الله أنه كان لا يحدث بحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا وهو على وضوء إجلالاً له. وقد سئل مالك (ت - 179هـ) رحمه الله عن أيوب السختياني(220) فقال: (حج حجتين فكنت أرمقه، ولا أسمع منه، غير أنه كان إذا ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت كتبت عنه). وقال مالك (ت - 179هـ) - أيضاً -: (كنت أرى جعفر بن محمد(221) وكان كثير الدعابة والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلّى الله عليه وسلّم اصفر، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، قال: ولقد رأيت عبد الرحمن بن القاسم(222) ، يذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم، وقد جف لسانه في فمه هيبة منه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم). وقال: ولقد رأيت الزهري(223) وكان من أهنأ الناس وأقربهم، فإذا ذكر عنده النبي صلّى الله عليه وسلّم فكأنه ما عرفك، ولا عرفته (224). وأما موقف ابن تيمية رحمه الله من الصحابة فهو موقف التعظيم والتقدير، فيعتقد أن محبتهم من الإيمان، ويعتقد أنهم خيار المؤمنين فقال: (وأصحاب رسول صلّى الله عليه وسلّم خيار المؤمنين، كما ثبت عنه أنه قال: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (225)، وكل من رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مؤمناً به فله من الصحبة بقدر ذلك) (226). ويعتقد أنهم أكمل الناس عقلاً، وأصحهم معرفة وعلما، فقال: (فهل سُمع في الأولين والآخرين بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بقوم كانوا أتم عقولاً، وأكمل أذهاناً، وأصح معرفة، وأحسن علماً من هؤلاء؟ - أي الصحابة -) (227)، وسأتحدث عن موقفه من الصحابة بشيء من التفصيل في الفصل القادم - إن شاء الله -. ومن جهة أخرى: فقد حذر القرآن عن اتخاذ أولياء من دون الله بإعطائهم منزلة مثل منزلة الباري - عز وجل - في صرف بعض أنواع العبادة لهم كالاستغاثة، والدعاء وغيرهما، فقال: { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41] ، وقال عزّ وجل: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3] ، وقال سبحانه: { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [الأنعام: 14] . وأما دعوى المناوئين أن الاستشفاع بالموتى، أو التبرك بآثارهم، أو الاستغاثة بهم دليلٌ على محبتهم، وأن من لم يفعل ذلك فليس محباً لهم: فهذه الدعوى باطلة والتلازم باطل، فلم يأمر الله - عز وجل - به، ولا أمر به رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولا فعله الصحابة الكرام، وإنما ضابط المحبة هو الاتباع والتأسي، كما قال الله عزّ وجل: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: 31] وقال - سبحانه -: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [الأحزاب: 21] .
وأما الاستشفاع: وهو طلب الشفاعة: فهذا له أحوال: الحال الأولى : طلب الشفاعة من الشخص، وهو حي قادر، فهذه شفاعة جائزة، والشافع يشفع بحكم جاهه ومنزلته عند المشفِّع، كما قال الله - عز وجل -: { مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا } [النساء: 85] ، والشافع سائل لا تجب طاعته، وإن كان عظيماً كما صح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه سأل بريرة (228) أن تمسك زوجها، ولا تفارقه لما أعتقت، وخيرها النبي صلّى الله عليه وسلّم فاختارت فراقه، وكان زوجها يحبها، فجعل يبكي، فسألها النبي صلّى الله عليه وسلّم أن تمسكه، فقالت: أتأمرني؟، قال: «لا إنما أنا شافع» (229)، فدل على جوازها، ولو لم تكن جائزة لم يعملها النبي صلّى الله عليه وسلّم. وحقيقة الاستشفاع بالشخص: الاستشفاع بدعائه، كما في حديث الأعمى حين علمه الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يقول: (اللهم فشفعه فيّ) أي اقبل دعاءه. قال ابن تيمية رحمه الله (معنى الاستشفاع بالشخص - في كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه - هو استشفاع بدعائه، وشفاعته ليس هو السؤال بذاته، فإنه لو كان هذا السؤال بذاته لكان سؤال الخلق بالله تعالى أولى من سؤال الله بالخلق) (230). أما طلب الشفاعة من غير القادر فهذا عبث، وأما طلبها من الحي الغائب فهذا مرتبط بالحال الثانية وهي طلبها من الميت.
الحال الثانية : طلب الشفاعة من الميت: فهذه محرمة باطلة، ولا يوجد نص عن أي نبي من الأنبياء أنه أمر بالاستشفاع به بعد موته (231). ومخاطبة الميت - أيا كان نبياً أو ولياً - وطلب الشفاعة منه لا تجوز، قال ابن تيمية رحمه الله: (إن دعاءهم - أي الأنبياء والصالحين -، وطلب الشفاعة منهم في هذه الحال - أي بعد موتهم - يفضي إلى الشرك بهم، ففيه هذه المفسدة، فلو قدر أن فيه مصلحة لكانت هذه المفسدة راجحة، فكيف ولا مصلحة فيه) (232). وطلب الدعاء والشفاعة من الموتى، والغائبين هو أصل الشرك، وهذه هي صورة اتخاذ المشركين شفعاء من دون الله، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } [الأنعام: 94] ، وقال: { وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [الأنعام: 51] ، وقال: { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 18] . وقال تعالى: { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [سبأ: 22 - 23] . ومن المعلوم في بداهة العقل أن الاستشفاع بأحد يلزم منه علم الشافع بهذه الشفاعة، والميت إذا استشفع به فإنه لا يعلم بهذه الشفاعة بحكم موته، وعليه فإن الشفاعة باطلة من أساسها، يقول ابن تيمية رحمه الله: (يقولون لمن توسل في دعائه بنبي أو غيره: قد تشفع به، من غير أن يكون المستشفع به شفع له ولا دعا له، بل وقد يكون غائباً لم يسمع كلامه، ولا شفع له... وأما الاستشفاع بمن لم يشفع للسائل، ولا طلب له حاجة، بل وقد لا يعلم بسؤاله، فليس هذا استشفاعاً لا في اللغة، ولا في كلام من يدري ما يقول) (233).
| |
|
elkorsan Admin
عدد الرسائل : 368 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 01/04/2008
admin admin: (100/100)
| موضوع: رد: دعوة بغضة الانبياءوالصالحين واها نتة لهم الخميس أبريل 10, 2008 6:05 am | |
| | |
|
نسمات من زمن فات Admin
عدد الرسائل : 627 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 04/04/2008
admin admin: (1000/1000)
| موضوع: رد: دعوة بغضة الانبياءوالصالحين واها نتة لهم الخميس أبريل 10, 2008 9:27 pm | |
| | |
|
شمعة الاحزان نائب مدير عام
عدد الرسائل : 604 تاريخ التسجيل : 28/03/2008
admin admin: (1000/1000)
| |
الكنـــــــج مدير
عدد الرسائل : 662 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 28/03/2008
| موضوع: رد: دعوة بغضة الانبياءوالصالحين واها نتة لهم السبت مايو 03, 2008 6:16 pm | |
| | |
|